Quantcast
Channel: بصائر »المعلم
Viewing all articles
Browse latest Browse all 4

نحو تطوير استراتيجيات التعليم المدرسي

$
0
0

education_books مع بداية كل عام دراسي، يأمل كل من المعلمين وأولياء الأمور والطلاب، في تطوير العملية التدريسية، وتجاوز المشكلات التي اعترت العام الفائت، إلا أنها سرعان ما تتبخر عند انتهاء الشهر الأول، حيث يعود كل شيء إلى ما كان عليه.

لا شك أن العملية التعليمية في بلادنا العربية، (مدارس، جامعات) ما زالت تراوح مكانها، متخمة بالمشاكل والسلبيات، وتفتقر إلى الحلول والإبداعات، التي تنهض بحال البلد، وتزيد من الكفاءات العلمية التي بدورها تزيد البلد قوة وتقدماً.

إن مشكلة المعلمين في وقتنا الحالي، تكمن في مجموعة من الأمور. إما في طبيعة البنية التعليمية، خصوصاً في المراحل المتقدمة من التعليم الثانوي، والتي تفرض عليهم أن يسابقوا الزمن في سبيل إنهاء المنهاج والاستعداد للامتحان. أو حتى في طبيعة المدارس، التي تزدحم بعشرات الطلاب داخل الصف الواحد، حتى يكاد فتح الفرصة لاستقبال الاستفسارات من الطلاب داخل الحصة، بمثابة إطلاق الرصاصة الأخيرة على النظام والهدوء داخل الصف. وهاتان المشكلتان لن أتطرق لسبل حلهما؛ كونهما يحتاجان إلى تخطيط جماعي، من قبل التربويين، وأصحاب القرار، بالإضافة إلى توفير المال في سبيل فتح مدارس جديدة، وزيادة عدد الكوادر التدريسية وغير ذلك.

“من المشاكل التعليمية، اعتياد المدرس على أسلوب “ضابط الشرطة” الذي لا يتعامل مع الطلاب إلا وفق التهديد، والتحذير، أو استخدام العنف اللفظي أو البدني”

وبالإضافة إلى ما سبق، هناك مشكلة أخرى في غاية الأهمية، وهي اعتياد المدرس على أسلوب “ضابط الشرطة” الذي لا يتعامل مع الطلاب إلا وفق التهديد، والتحذير، أو استخدام العنف اللفظي أو البدني، أو غير ذلك من الأساليب التي تتنافى مع أبسط القوانين التربوية، ناهيك عن استخفافه في تطوير أساليبه واستراتيجياته التعليمية التي لابد وأن تتماشى مع ما يعيشه العالم من تطور وحضارة متقدمة.

مشكلة عالمية

بحسب كثير من الدراسات، فإنها تتفق على أن المدرسين حول العالم يركزون على المحتوى وحفظ ما فيه، أكثر من تركيزهم على استراتيجيات التعليم، والتي تكسب الطالب القدرة على الاستيعاب وفهم ما سبق، وفق قواعد واضحة، تؤهله للتعامل مع أية معلومات جديدة.

والأصل في التعليم الصفي الناجح، أن يكون مشتملاً على عناصر مهمة، دائماً ما تغيب عن الكثير منا، وهي:

1- تحديد معايير النجاح في ذات المادة، وكذلك الأهداف والغايات التعليمية المتوخاة.

2- فهم المستوى المعرفي للطلاب، ومعرفتهم السابقة، بالإضافة إلى مستواهم ومدى إدراكهم واستيعابهم للمعلومات، ناهيك عن معرفة حال توفر صعوبات في التعلم لدى بعضهم.

3- وضع الاستراتيجيات التعليمية بناء على ما سبق، والتي ترفع من مستواهم، وتزيد من معلوماتهم، وهذا بدوره يؤدي إلى تحديد الأنشطة التي تناسبهم، ومدى تجاوب الطلاب معها.

المعرفة +1

“التدريس الناجح هو الذي يقوم على معادلة (المعرفة +1) بحيث يكسب الطالب معرفة علمية جديدة في كل حصة، تبنى على ما تعلمه وعرفه سابقاً”

إن من أكثر العيوب التي يواجهها الطلاب خلال العملية التعليمية، هي حفظ جميع النقاط والتفاصيل والملاحظات، والتي سرعان ما تنتسى بمجرد الانتهاء من أول اختبار. في حين أن التدريس الناجح، هو الذي يقوم على معادلة (المعرفة +1) بحيث يكسب الطالب معرفة علمية جديدة في كل حصة، تبنى على ما تعلمه وعرفه سابقاً.

وهناك أربعة طرق يمكن الاستفادة منها في تعليم الطلاب:

1- إمكانيات التفكير: وذلك عبر اعتماد الطالب على ذاته في التعلم والمعرفة، حتى الوصول إلى فهم المعلومة العلمية المطلوب معرفتها.

2- مراحل التفكير: بحيث تبدأ من خلال معرفة الطلاب السطحية للمادة، ثم تنمية هذه المعرفة حتى تكون أكثر عمقاً. ويكون دور المعلم في مساعدة الطالب على الانتقال من سطحية المعرفة إلى عمقها، وهو ما يحقق المعادلة [+1] على ما يعرفه الطالب الآن.

3- مراحل التحفيز: فحينما يعرف المعلم حال كل طالب، فإنه يحدد حاجة كل منهم لتحقيق الزيادة على معرفته الحالية. وهنا على المدرس أن يدرك طبيعة المعرفة الأولية للطالب، ومدى الفجوة الموجودة بين المعرفة الأولية والمعلومة التي ينوي إعطاءها لهم، ثم كيفية الوصول إلى هذه المعرفة، والأنشطة التي تقتضيها، وتنفيذ الاستراتيجيات التي تعمل على غلق هذه الفجوة، وفي النهاية اختبار الطلاب فيما لو أدركوا الغاية وحققوا الهدف أم لا.

” حينما يحدد المدرس الفئة التي يندرج تحتها كل طالب، ويراعي الفروقات الفردية بينهم، فإنه يحدد الخطوة المقبلة لكل فئة منهم، وكيف يعمل على تحقيقها”

4- مراحل التخصصية: حيث لابد من تصنيف الطلاب وتمييزهم، تبعاً لمستواهم وإدراكهم، فهناك مرحلة المبتدئ، والقادر، والماهر. ولكل مرحلة مميزاتها، وأساليب لتطويرها. فمثلا مرحلة القادر، تتميز بامتلاك الطالب تأسيساً عميقاً للمعلومات، وتنظيماً لتفاصيلها، وكيفية استرجاعها، في حين أن مرحلة الماهر تشير إلى امتلاك الطالب لمعرفة علمية ضخمة، تساعده على التعلم الذاتي، وتحقيق أهدافه، وكيفية تنفيذ ما فيه.

لذا حينما يحدد المدرس الفئة التي يندرج تحتها كل طالب، ويراعي الفروقات الفردية بينهم، فإنه يحدد الخطوة المقبلة لكل فئة منهم، وكيف يعمل على تحقيقها، بأساليب متنوعة تزيد من النمو المعرفي لديهم. وهذا ليس تمييزاً بين الطلاب، بل هو عين المراعاة للقدرة العقلية، وسبيل للتطوير المتخصص لكل منهم، بدل أن ينتفع به فقط فئة من الطلاب، ويبقى الآخرون عبارة عن جمهور لا يعينهم أي شيء في الدرس.

ختاماً.. هذه بعض الأفكار التي يمكن تطوير العملية التعليمية في ضوئها، وإن كنت أعلم أن الأمر أكثر تعقيداً وصعوبة، إلا أنها دعوة للتغيير، والعمل على التطوير، حتى لو كان الأمر صعباً، والواقع سيئاً. فالطلبة بحاجة ماسة ليس إلى المعرفة، بل إلى كيفية تحصيلها، وتطويرها، حتى نساهم ولو بشيء قليل، في تطوير البنية المعرفية والفكرية لأبنائنا، مما يسهم في تطور الوطن على شتى المجالات والسبل.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 4

Trending Articles